مرة سٱلوا عبد الوهاب عن عدوية فقال: يسمعه المهمشون في العلن .. والمثقفون في السر.
وفي أغنية لعدوية اسمها كركشنجي دبح كبشه. كركشنجي راجل فقير غلبان من اللي بنشوفهم بيسرحوا الصبح بمبخرة وعليها شوية بخور .. يدخل المحلات ساعة صُبحية وهو قاصد رب كريم.
عم كركشنجي كان فقيرا وعنده كوم عيال .. بس عنده عِزة نفس، مثل معظم المصريين ، لدرجة أن تجار المحلات لما كان ييجي العيد الكبير ويحبوا يدوله منابه من اللحمة، ماكانش بيرضى .. وكان بيختفي من السوق طول فترة العيد.
ومرة من المرات اتفق التجار الكبار إنهم يعملوا حاجة لعم كركشنجي عشان ولاده يحسوا بفرحة عيد اللحمة، قاموا جابوه .. وكل واحد قال له إنت ليك عندي مبلغ مش عارف قد ايه .. ويطلّع نص جنيه . وواحد تاني يقول له ليك عندي ربع جنيه .. وتالت يقول له ليك عندي ريال . جمّعوله سبعة جنيه . حق الخروف الصغير وقتها. وقالوا له كده أنت ياعم كركشنجي تقدر تجيب خروف العيد بتاعك وتدبحه بنفسك كمان.
لكنه خاف يكونوا بيعطفوا وبيتصدقوا عليه. أقنعوه إن ده حقه وإنهم مش بيتصدقوا عليه، وصدقهم عم كركشنجي بعد ما لقى إن شيخ الجامع واللي كان وسطيهم هم كمان .. بيقول له إن ده حقك.
وجه العيد وهو جايب الكبش بتاعه، واتجمعت الناس بعد صلاة العيد وهم فرحانين .. والعيال مبسوطين وبيغنوا: كركشنجي دبح كبشه . يامحلى مرقة لحم كبشه.
عم كركشنجي اصلا مش عارف يدبح ازاي!
عَكَشه.. يعني مِسِك الكبش وحضنه عشان يعرف يسيطر عليه، فَركِش.. قام الكبش مالص وفَركِش المسكة او العَكشه بتاعة عم كركشنجي.
نَكَشه .. عم كركشنجي اتغاظ من الكبش، قام قرصه وهو بيهزر معاه ونَكَشه في قرونه.
طَنِّش.. الكبش طنش هزار ومناكفة ونكش عم كركشنجي.
قَلَشه .. يعني كركشنجي حب يدبح الكبش على خوانة.. ويقلش أو يِعَدّي السكينة من تحت رقبة الكبش.
اقلـــــــــــــــــــــــش .. من لخفنة عم كركشنجي ولخبطته لأنه مابيعرفش يدبح. السكينة قلشت والخروف هرب في الشوارع . والناس بتجري وراه . وعم كركشنجي بيجري هو كمان وراهم.
بس بيعيط ويندب حظه ، سبع سلاطين استسلطناهم من عند المستسلطنين..
عم كركشنجي بيندب حظه على السلاطين - جمع سلطانية - اللي كان جايبهم عشان يحط فيهم اللحمة بتاعة الخروف.
تقدر يا مسلطن يا مستسلطن.. يعني تقدر ياللي بتتريق وبتضحك عليّ عشان الكبش بتاعي هرب.
تستسلطلنا .. سبع سلاطين زي ما استسلطناهم من عند المستسلطنين.. تجيب الكبش بتاعي اللي بيجري . عشان ادبحه واحط لحمته في السلاطين اللي معايا .
سبع دبابيس استدبسناهم من عند المستدبسين .. يعني سبع دبابيس عشان يدبّس بيهم فروة الخروف من أطرافها بعد ما يندبح .
تقدر يا مدبس يا مستدبس.. يعني تقدر ياللي بتتريق وبتضحك عليّ عشان الكبش بتاعي هرب
تستدبسلنا .. سبع دبابيس زي ما استدبسناهم من عند المستدبسين.
تجيب الكبش بتاعي اللي بيجري .. عشان ادبحه وادبّس الفروة بتاعته.
سبع لحاليح استلحلحناهم من عند المستلحلحين.. يعني سبعة جنيه او لحلوح زي ما طلعت عليه زمان . جبناهم من عند التجار اللي قالوا له إنها فلوسه وهو صدق كلامهم وبقى بيتحسر عليهم.
تقدر يا ملحلح يا مستلحلح.. يعني تقدر ياللي بتتريق وبتضحك عليّ عشان الكبش بتاعي هرب
تستلحلحلنا سبع لحاليلح زي ما استلحلحلناهم من عند المستلحلحين .
تجيب سبعة جنيه تانيين عشان اشتري بيهم كبش او خروف.
الاغنية اتغنت عام 1969 .. كان عمر عدوية 23عاما، والملحن حسن ابو السعود 21، والمؤلف حسن ابو عتمان 40سنة.
وكان عدوية يادوبك بيبدٱ بعد أن عمل لسنوات عازف رق، وكان أبو السعود عازف اوكرديون في فرقة فريد الأطرش. أما أبو عتمان فكان حلاقا لسنوات عديدة. وكان عدوىة صعيديا من المنيا . أما عتمان وأبو السعود فكانا من المحلة الكبري. الثلاثة عاشوا وشافوا كتير . واتعجنوا وفشلوا كثيرا.
والثلاثة تركوا كركشنجى . التي عبرتعن مآساة حقيقية للغلابة في بر مصر طولها وعرضها . من عقود وعقود .. وحتي الآن.
---------------------------
بقلم: خالد حمزة
[email protected]